لماذا يمنع الطيران فوق الكعبة ولا يوجد مطار في مكة المكرمة؟
كثير هو الكلام والتحليلات التي تنشر حول السر الحقيقي وراء منع الطائرات من التحليق فوق الكعبة المشرفة في مكة المكرمة.
لكن أحد المختصين بشؤون الطيران في السعودية حسن الغامدي شرح الأسباب الحقيقية لذلك المنع، وتحدث عن بعض الروايات الخاطئة.
ونشر الغامدي، الذي عرف عن نفسه بأنه أحد مشرفي الطيران، مقطع فيديو يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي لشرح الأسباب الحقيقية وراء عدم السماح للطائرات في العبور فوق مكة المكرمة.
وفي بداية الأمر فنّد الغامدي الأسباب التي تقول إن هناك مجالا مغناطيسا فوق مكة المكرمة يمنع الطائرات من التحليق، أو وجود فجوات هوائية تشكل خللا في طبقات الجو وتمنع تحليق الطائرات.
* اكتشف أيضا: صفحة تفاعلية: أركان الحج بالصور والفيديو والشرح وخرائط جوجل
وتحدث الغامدي عن السبب الأهم وهو أن مكة منطقة جبلية، ولذا تكون قريبة نسبياً من مدى تحليق الطائرات، مما قد يسبب إزعاجا وتشويشا كبيرا لمن يؤدون مناسك العمرة أو الحج.
وأضاف الغامدي أن منطقة المسجد الحرام في مكة المكرمة ممنوعة الطيران لأن الحرم المكي مخصص للمسلمين، ومن المعروف أن في مكة مداخل برية مخصصة للمسلمين فقط، وينطبق الأمر على الأجواء فوق المنطقة المقدسة.
ومن المعروف أن مكة المكرمة لا تضم مطارا جويا، إذ يتوافد عليها الحجاج والمعتمرون جوا عبر مطار جدة الأقرب إليها أو مطار المدينة المنورة.
* ما سر منع الطائرات من التحليق فوق مكه؟
تقع مدينة مكّة المُكرمة غرب المملكة العربيّة السعوديّة، وتُعتبر مدينةٌ مُقدّسةٌ عند المسلمين. تبلغ مساحة مكّة 850 كم²، وعدد سُكّانها يتجاوز 1.5 مليون نسمة. تتميّز بأنّها مدينةٌ جبليّةٌ وعرةٌ وصخورها من الجرانيت الأسود الصُّلب. مناخها بأغلب أوقات السّنة شديد الحرارة؛ حيث تصّل أعلى درجة حرارة إلى 49.8°.
تحتوي المدينة على أكثر المناطق قُدسيّةٍ لدى المُسلمين وهو المسجد الحرام والكعبة. والمدينة مُزوّدة بمطار رئيسيّ هو مطار الملك عبد العزيز الدوليّ، ولأهميتها الدينيّة زُوِّدت بالطّرق السّريعة، والقطارات، والمستشفيات، والمدارس، والمكتبات، والجامعات الدينيّة.
* قُدسيّة الكعبة عند المسلمين:
للكعبة مكانةٌ دينيّةٌ خاصّةٌ جدّاً لدى المسلمين؛ فهي أول مسجد بُني على كوكب الأرض،[١] كما أنّها تُعتبر قبلةُ جميع المسلمين التي يتّجهون لها في صلاتهم من مُختلف أنحاء العالم. يختلف المسلمون فيمن كان أوّل من بنى الكعبة؛ فمنهم من يقول الملائكة، ومنهم من يقول النبيّ آدم عليه السّلام، لكن كلاهما مُقدّس بكلّ الأحوال. بعد زمانٍ طويل أعاد النّبي إبراهيم وابنه إسماعيل بناءها بأمرٍ من الله. وكانت مدينة مكة التي توجد فيها الكعبة هي المدينة التي نزل فيها القرآن الكريم على إحدى الجبال في غار حراء، كما أنّها تقع بالقرب من بئر زمزم الذي روى النّبي إسماعيل وأمّه هاجر بمُعجزةٍ إلهيّة. [٢]
ويتوّجه سنويّاً ملايين المسلمين لمكّة لإقامة إحدى أهمّ الفروض الدينيّة وهو الحج، كما يتوجّه للكعبة على طوال العام أعدادٌ هائلة من المسلمين لإقامة العمرة فيها. ويُقام سنويّاً تغيير ستار الكعبة بتكلفة 22 مليون ريال سعوديّ، وبعمل أكثر من 80 عامل وفنيّ. تستهلك الكسوة 700 كغم من الحرير المصبوغ بالأسود، و120 كغم من الذّهب والفضّة.[٣]
* لماذا منع الطّيران فوق الكعبة؟
نظراً للأهميّة الدينيّة الكبيرة للكعبة لدى المسلمين اتُّخذت بعض الاحتياطات الأمنيّة للحفاظ عليها سالمةً، ولأنّ المسلمين في تلك البقعة من الأرض يكونون في قمّة العبادة والخشوع، يفرض المسؤولون عن المسجد الحرام كلّ ما بوسعهم لعدم إزعاج المُصلّين.
ومن تلك الاحتياطات المُتَّخذة لحماية الكعبة وعدم إزعاج مُرتاديها عدم السّماح بتحليق الطّائرات فوق الكعبة مُطلقاً؛ تقديساً واحتراماً لها، فقامت السعوديّة بحظر المِلاحة الجويّة عن منطقة الحرم المكيّ كاملاً، مع وجود بعض الاستثنائات للطّائرات العاموديّة التي تقوم بنقل المرضى، وتنسيق مسار الحُجّاج في موسم الحجّ، حيث يشعر المرء بالهدوء والطّمأنينة أثناء طوافه بالكعبة، وينشغل بالتقرّب لله تعالى، كما يستشعر عظمةَ المكان الذي هو فيه، ولا ينشغل بصوت الطّائرات.
وقال الدّكتور عبد الله المسند الأستاذ المُشارك في قسم الجغرافيا بجامعة القطيف: (إنّ الطّائرات لا تُحلّق فوق المسجد الحرام؛ لأنّه اُصطلِح مدنيّاً أنّ منطقة الحرم محظور الطّيران فوقها للطّائرات وليس للأقمار الصناعيّة). وقال: (يوجد في الخرائط الملاحيّة مُثلّث فوق منطقة الكعبة المُشرفة يَحظُر على كلّ أنواع الطّائرات أن تُحلّق فوقها بما فيها الدوليّة. وأنه لم يثبت حسيّاً أنّ الطّيور والطّائرات لا تستطيع التّحليق فوق الكعبة لأسباب إعجازيّة).[٤]
* معلوماتٌ مغلوطة عن الطّيران فوق الكعبة!
يعتقد البعض بأنّ الكعبة هي مركز كوكب الأرض، ومركز الجاذبيّة الأرضيّة فيها، لكن هذه الادّعاءات ليس لها أيّ أساسٍ دينيّ أو علميّ، وقد يُصدّق غالبيّة المُسلمين مثل هذه الادعاءات بسبب حبّهم وتعظيمهم للكعبة، ويعتقد البعض استحالة طيران الطّائرات وحتّى الطّيور فوق الكعبة المُشرّفة مُبرّرين ذلك ببعض التّحاليل العلميّة التي لم يتمّ إثباتها إطلاقا، مثل وجود فراغ في طبقات الهواء التي تعلو الكعبة، ووجود مركز جذبٍ مغناطيسيّ فوق الكعبة، ووجود نور يخرج من الكعبة ويعبر إلى الفضاء الخارجيّ، لكن جميع هذه التّحاليل لا تستند لأيّ بحث علميّ مُثبت على الإطلاق.[٥]
* موقع الكعبة:
تقع الكعبة على خط الطّول 21° شمال خطّ الاستواء، وخطّ الطّول 39.5° شرق خطّ غرينتش.[٦] تقع الكعبة بين مجموعةٍ من الجبال السّوداء التي تُحيط بها من جميع الاتّجاهات، وترتفع المنطقة التي توجد فيها الكعبة عن سطح الأرض 3000 متر في إحدى أودية جبال السّراة،[٧] لذلك لا تصحّ الأقاويل التي تقول بأنّ مكان الكعبة يخلو من أيّ ميلانٍ أو انحرافٍ أو اعوجاجٍ في تضاريس الأرض، أو أنّها أوّل نقطة تستقبل شروق الشّمس على الكرة الأرضيّة.
التعديل الأخير تم: 14/01/2017
إضافة تعليق