بحث عن الشاعر الفرزدق، مولده ونشأته وشعره وأعماله
بحث عن الفرزدق
الفرزدق واسمه الكامل همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي، ويُكنّى بأبي فراس، ويعود في سلالته إلى مضر بن نزار، ولد في البصرة، ونشأ في باديتها.
ولُقّب بالفَرزدق لجَهامة وجهه، وغلظته، فكلمة الفرزدق معناها "الرغيف"، وهو من الشعراء الأمويين المشهورين، وقد عرف عنه تقلّب مزاجه، وعلاقاته الاجتماعية، فقد يمدح الرجل اليوم، ويهجوه غداً.
* شعر الفرزدق:
بدأ الفرزق نظم الشّعر منذ صغره، وامتاز شعره بالقوة، والجزالة، فقالت العرب: "لو لم يكن شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب"، وقال الجاحظ: "إن أحببت أن تروي من قصار القصائد شعراً لم يسمع بمثله فالتمس ذلك في قصار قصائد الفرزدق ، فإنكّ لا ترى شاعراً قط يجمع التجويد في القصار والطوال غيره"، ومن أكثر المواضيع التي نظم بها الفخر، والمدح، والهجاء، فقد مدح الخلفاء الأمويين في بلاد الشام، ولكنه لم يبق عندهم؛ وذلك لتشيّعه لآل البيت، فقد كان مُناصراً لعلي، وأبنائه، مجاهراً بحبه لهم.
عاصر الفرزدق كلّاً من الأخطل، وجرير؛ حيث كانت تربطهما صداقة حميمة، والناظر إلى قصائد الهجاء لديهم يحسب أنهم أعداء لدودين، فالنقائض أوهمت الناس أن بين الشعراء الثلاثة حسداً، وكرهاً، وبغضاً، فانشغل الناس بأمرهم، وانقسموا إلى أقسام، لكل شاعر قسم مؤيّد له.
* شعر الفرزدق في المدح:
نظم الفرزدق شعر المدح لغاية التكسّب من ورائه في أغلب الأحوال؛ فقد مدح الخلفاء الأمويين بقوله إنّهم أحق الناس بالخلافة، وإنّهم كالقمر يُهتدى به، وهناك رواية تقول إنّ الخليفة هشام بن عبد الملك حج إلى بيت الله الحرام، فحاول الوصول إلى الحجر الأسود، ولم يستطع بسبب الازدحام الشديد، فوضع كرسياً، وجلس عليه ينظر إلى الناس، وحوله أناس من الشام، وأثناء جلوسه جاء "زين العابدين" فطاف بالبيت الحرام، وعندما وصل إلى الحجر الأسود انشقّت الصفوف ليصل إليه ويلامسه.
فقال رجل من أهل الشام لهشام بن عبد الملك: من هذا الذي هابه الناس كل هذه الهيبة؟ فأجاب هشام بعدم معرفته له خوفاً من أن يذكر اسمه فيرغبهم به، وكان الفرزدق موجوداً، فأجاب أنه يعرفه، وقال قصيدته الشهيرة في مدح زين العابدين: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله بجده أنبياء الله قد ختموا ما قال لا قط إلا في تشهده لولا التشهد كانت لاءه نعم إذا رأته قريش قال قائلها إلى مكارم هذا ينتهي الكرم غضب هشام بن عبد الملك بعد مدح الفَرزدق لزين العابدين، وأمر بحبسه، فقام الفرزدق بنظم قصيدة هجاء بهشام بن عبد الملك.
* بماذا اشتهر الفرزدق؟
اشتهر بتجهم وضخامة وجهه ، اسمه ( همام بن غالب بن صعصعة الدارمي التميمي ) ويكنى ( أبو فراس ) ، لقب بالفرزدق وتعني الرغيف في وصفٍ لوجهه وما يمتاز به هذا الوجه، ولد الفرزدق في كاظمة تعود لبني تميم ، ونبغ في شعرالهجاء والفخر والمدح، ولد شاعرنا في السنه الثامنة والثلاثين للهجرة في كاظمة ، اشتهر جده بافتداء الإناث من الوأد ، يعد الفرزدق من أشهر شعراء الطبقةِ الأولى ، ويعد من سادة قومه بنو تميم ونبلائهم ، أشتهر بشعر الهجاء وانقائض بينه وبين جرير ، حيث تبادل الشاعران شعر الهجاء على مدى نصف قرن ، وعند وفاة الفرزدق قام جرير برثائه ، وكان الفرزدق مادحاً للولاة والأمراء .
كما كان الفرزدق صديقاً مقرباً لجرير في كل شؤون الحياة باستثناء الشعر ، فلكل واحدٍ منهما طريقته ، وتظهر العداوة بينهما عند البدء في الشعر، بالإضافة لشعر الهجاء ، نظم الفرزدق في جميع فنون الشعر التي أشتهرت في عصره ، كان كثير الفخر في أشعاره ، بالإضافة لشعر المدح ، حيث قام بمدح خلفاء الشام الأمويين ، علاقته كانت حميميه بالأخطل وجرير ، ولكن النقائض بينهم في الشعر أوهمت الكثيرين على أنه العلاقة التي تربطهم عدائية أساسها الكره والحسد .
وكان للفرزدق مواقف يشهد لها في الذود عن آل البيت ومناصرتهم ، وكان يلقي الشعر قاعداً بين أيدي الخلفاء الراشدين ، كان متعصباُ للعلويين صادقاً في مدحهم ، أما مدحه للأمويين كنوعٍ من التخوف والتقرب لهم ، برع الفرزدق في إدخال الألفاظ والمصطلحات الغريبة في شعره الذي امتاز بقوة الأسلوب والجودة ، وامتاز الفرزدق بجرأته وصراحته ، وله الفضل الكبير في إحياء العديد من المفردات التي اندثرت، توفي الفرزدق بعد أن تجاوز المائة عام ، سنة 110 للهجرة ، في منطقة كاظمة بالكويت ، وعند وفاته رثاه جرير بقصيدته المشهوره في رثاء الفرزدق التي جاء في بعض أبياتها
:- لعمري لقد أشجى تميماً وهدها *** على نكبات الدهر موت الفرزدق عشية راحوا للفـــراق بنعشـــــــــها *** إلى جددتٍ في هوة الأرض معمق لقد غادروا في اللحد من كان ينتميا *** إلى كل نجمٍ في السماءِ محلق
المزيد حول الفرزدق
همام بن غالب، كنيته أبو فراس ولقبه الفرزدق، ولقب به، لغلظة في وجهه. ولد الشاعر الفرزدق في بيت يكتنفه الشرف والسيادة من كل جانب، فأبوه غالب أحد أجواد العرب.. ولد بالبصرة، ونشا في باديتها.. كان الفرزدق متقلبا في مزاجه وعلاقاته الاجتماعية، فقد يمدح الرجل اليوم ليهجوه في يوم آخر.
قيل إنه نظم الشعر صغيرًا.. دارت بين الفرزدق وجرير الشاعر الأموي أيضًا، حرب هجائية دامت نحو خمسين سنة، وكان لتلك الحرب الشعرية صدى واسع في البلاد، وضج بها"المربد" سوق البصرة، وانقسم الناس قسمين، كل قسم يؤيد هذا الشاعر أو ذاك.
توفي الفرزدق بالبصرة سنة 114ه وقد شارف على التسعين.
كان التكسب مرماه في أكثر الأحوال، فمدح ورثى وهجا، فها نحن نتوقف قليلا عند مديحه.
* شعره في المديح:
مدح الفرزدق خلفاء بني أمية على أنهم أولى الناس بتراث الخلافة، وأحق الناس بالملك، وهم كالقمر يهتدي به، وسيوفهم هي سيوف الله التي يضرب بها الأعداء، وإذا النصر حليفهم، لأن الله معهم، وإذا الهدى مشرق من وجوههم، منهم الهادون والمهديون.. وتذكر الكتب والمراجع، أن الخليفة "هشام بن عبد الملك" حج على عهد أبيه وطاف بالبيت، وحاول أن يصل إلى الحجر الأسود فلم يستطع لشدة الزحام، فنصب له كرسي وجلس عليه ينظر إلى الناس، وحوله جماعة من أهل الشام. وفيما هو كذلك أقبل"زين العابدين" فطاف بالبيت، ولما انتهى إلى الحجر انشقت له الصفوف ومكنته من استلامه، فقال رجل من الشام لهشام:
من هذا الذي هابه الناس هذه الهيبة؟
فقال هشام"
لا أعرفه، وخاف أن يذكر اسمه فيرغبهم فيه.
وكان الفرزدق حاضرًا فقال: أنا أعرفه.
فقال الشامي: ومن هو يا أبا فراس؟، فقال قصيدته الشهيرة في مدح زين العابدين، فغضب هشام وحبسه، فهجاه الفرزدق.
أنشد الشاعر الفرزدق قصيدة يمدح فيها"زين العابدين":
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته **** والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم **** هذا التقي النقي الطاهر العلم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله **** بجده أنبياء الله قد ختموا
ما قال لا قط إلا في تشهده **** لولا التشهد كانت لاءه نعم
إذا رأته قريش قال قائلها **** إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
* فخر الفرزدق:
الشاعر يمزج بين الفخر والهجاء، فالهجاء عنده موضوع في جو فسيح من الفخر والتبجح... أما موضوع فخره فهو في قومه ونفسه، وفخره بقومه اشد منه بنفسه، إنه أعز الناس بيتًا وأرفعهم شرفًا وأوسعهم خيرًا وكرمًا، وهم ذوو العقول التي توازي الجبال، والثبات الذي لا يزعزع..
ولقد برع الفرزدق براعة فائقة في الفخر، ذلك لأن شرف آبائه وأجداده قد مهد له سبيل القول بالفخر، وتطاول على جرير وتحداه أن يأتيه بمثل آبائه وقومه:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم **** إذا جمعتنا ياجرير المجامع
فيا عجبًا حتى كليب تسبني**** كأن أباها نهشل أو مجاشع
كانت غاية الفرزدق في هجره الاستعلاء على جرير، فكان فخره في الغالب ممتزجًا بهجاء جرير ورهطه..
وفي فخره بقومه يصفهم بالمكارم التي كان العرب يفاخرون بها، ككثرة العدد وحماية الجار والبأس في القتال، وشرف المنزلة، وقري الضيف، ونباهة الذكر، ورجاحة العقل. ثم يعدد آباءه ويذكر مآثر كل منهم.. حتى أن الفرزدق يستغل بعض الحوادث التي هجاه بها خصمه جرير، فيجيد الاعتذار لها ويحولها على فخر، فهو حين عجز عن قتل الأسير الرومي الذي دفع إليه قال:
ولا نقتل الأسرى ولكن نفكهم **** إذا أثقل الأعناق حمل المغارم
وهذه أبيات يفخر الفرزدق فيها بنفسه وبقومه، فيقول:
إن الذي سمك السماء بنى لنا **** بيتًا دعائمه أعز وأطول
أحلامنا تزن الجبال رزانة **** وتخالنا جنًا إذا ما نجهل
وهب القصائد لي النوابغ إذ مضوا**** وأبو يزيد، وذو القروح، وجرول
فالفرزدق يقول:
إن الله أعطى قومه عزًا وشرفًا، أكثر من جرير وقومه.. فعقولنا تساوي بوزنها وتفكيرها وزن الجبال، كما أنها توازنها ثباتًا ورسوخًا، على أننا في الحروب والدفاع عن كياننا نصبح محاربين أشداء قساة فيما إذا ما حملنا أحد على الغضب.
* فكرة عن النقائض الشعرية:
ذكرنا أن المعركة الشعرية نشبت بين الفرزدق وجرير ودامت أكثر من خمسين عامًا، فالنقائض قصائد امتزج فيها الهجاء والفخر، وكثرت فيها الإشارة إلى ماضي القبائل في الجاهلية وحاضرها في عهد بني أمية، يقول الشاعر قصيدته، فيرد عليه خصمه بقصيدة من وزنها وقافيتها ويتعقب أفكاره ومعانيه، فيردها عليه..
على أن فن النقائض نشأ أول ما نشأ في العصر الجاهلي وامتد حتى ازدهر في العصر الأموي الذي استيقظت فيه العصبية بعد أن أضعفها الإسلام، وانضمت إلى العوامل القبلية عوامل أخرى سياسية واجتماعية واقتصادية وشخصية.. فكانت نقائض هذا العصر تختلف عن نقائض العصر الجاهلي بطولها وإفحاشها واتساع الخيال فيها..
هذا ومن المعروف أن النقائض تقوم على الهجاء، وفن الهجاء بدوره قائم على أمور ثلاثة: الأول أن يذكر الشاعر معايب خصمه ومثالب قبيلته بنفسه وبقبيلته.. والثاني تناول الأغراض وقذف المحصنات والشتائم.. والثالث تصوير الخصم بصورة ساخرة تحمل القارىء أو السامع على الضحك.
* الفرزدق شاعر الوصف:
كان الفرزدق واسع الخيال، دقيق الملاحظة، جيد القصص، مما ساعده على أن يكون من ابرع الوصافين في العهد الأموي، أما موصوفاته فكثيرة، منها ما هو منتزع من البادية كالذئب، ومنها ما هو من حياة الحضر كالسفينة والجيش.. ويصطبغ وصف الفرزدق أحيانًا بصبغة القصص الذي يحسن الشاعر سرده، كما يمتاز بالتقرب من الحيوان المفترس والعطف عليه، ففي وصفه للذئب يظهر استعدادًا لأن يلبس ذلك الوحش من ثيابه وأن يقاسمه زاده.
فلما دنا قلت ادن دونك إنني **** وإياك في زادي لمشتر كان
فبت أسوي الزاد بيني وبينه **** على ضوء نار مرة ودخان
فهذان البيتان من قصيدة يصف فيها ذئبًا أتاه ليلا وهو يشتوي شاة، فدعاه أن يشاركه الطعام المشوي اللذيذ، فهو وحيد وقد عانى من عقوق الأصدقاء وبعد الأحباب، فكأن الشاعر استأنس بمجيء الضيف الذئب، او أرجح أن الفرزدق قد تخيل هذا الضيف. وهو في قلب الصحراء يشعل ناره للطعام ففضل في قصيدته هذه القصصية أن يكون ضيفه حيوانًا، عسى أن يكون وفيًا أنيسًا مخلصًا أكثر من الإنسان الغادر.. فوصف الشاعر يتناول المحسوسات أكثر من المعنويات، كما يمتاز بالدقة وحسن التصوير، فضلا عن طابع شخصي مبتكر أو جده من خلال قصصه.
التعديل الأخير تم: 14/01/2017
Comments
-
- 1. عبد القادر تلمساني On 14/01/2017
بحث رائع وموقع اروع شكرا لكم من صميم القلب وخصوصا على الملفات المرفقة سهلتم علينا كثيرا من العناء.
إضافة تعليق